التطهير العرقي للتركمان مستمر في تلعفر
بلجيكا، الرابع من نيسان ، 2007
مييري فيتزجيرلد - رئيسة جمعية ألصداقه الاوربيه التركمانية
عندما كنت أتحدث بأسم سكان تلعفر في البرلمان الأوروبي في بروكسل يوم السابع والعشرين من شهر آذار/ مارس 2007 وذلك أثناء انعقاد المؤتمر الذي خصص لتركمان العراق و الذي انعقد في البرلمان الاوربي في بروكسل لمدة يومين( 26 و 27 من شهر آذار/ مارس 2007) لم أكن أعرف حينه بأن مدينة تلعفر الشهيدة كانت في نفس اليوم و مرة أخرى مسرحا لأعمال عنف رهيبة أدت الى مقتل أكثر من 150 مدنيا تركمانيا بريئا.
حيث أفادت وسائل الإعلام الغربية بأن شاحنة محملة ب 1814 كيلوغراما (4000 باوند) من المتفجرات انفجرت في منطقة شيعية من المدينة وإن هذا الانفجار كان الأسوأ من نوعه في المدينة منذ غزو العراق قبل أربعة سنوات. كما أفادت نفس وسائل الإعلام الغربية بأن رجالا مسلحين من الشيعة ، ومن ضمنهم أفراد من الشرطة، ، ذهبوا وفتحوا نيرانهم وقتلوا ما لايقل عن 45 تركمانيا سنيا كرد فعل انتقاما لهذا لحادث النفجار.
ولكن حسب المجلس التركماني الشيعي في محافظة الموصل فإن الذين نفذوا التفجيرات بين المدنيين في تلعفر في 27 من آذار والتي أعقبتها في الليل شرارة المجازر الإنتقامية كانوا اكرادا من الأحزاب الكردية.
في تقرير لها قالت هيئة علماء مسلمي العراق بأن المجلس الشيعي التركماني ، أحد أهم الأحزاب التركمانية في الموصل، أصدر تصريحا يلوم فيه القيادة الكردية الإنفصالية المتعاونة مع الأمريكان في تنفيذ التفجيرات التي استهدفت المدنيين في تلعفر وذلك في يوم الثلاثاء المصادف 27 آذار/ مارس. هذه التفجيرات قتلت نحو 70 شخصا (*) وحضت الطائفيين من الشيعة الموالين لإيران على قتل أكثر من 70 من السنة "كرد فعل إنتقامي".
(*) آخر التقارير تفيد بأن التفجيرات أدت الى قتل ما يقارب 152 وجرح ما لا يقل عن 185 شخصا.
كذلك أفاد تقرير هيئة علماء مسلمي العراق بأن المجلس الشيعي التركماني قال بأن التفجيرات تخدم مصالح الحركة الكردية التي تطمح الى سرقة وضم منطقة تلعفر التركمانية [الى اقليمها الكردي].
المتظاهرون الذين نزلوا الى الشوارع بعد تفجيرات الثلاثاء إتهموا القياديين الأكراد الأنفصاليين و الجيش الأمريكي الذي يدعمهم بشكل مباشر وواضح بإقتراف هذا العمل الوحشي. حيث قالوا بأن القياديين الأكراد الأنفصاليين والجيش الأمريكي هم الذين سمحوا بمرور الشاحنة المليئة بالمتفجرات وبعدها فجروها عن بعد- مؤكدين بأنه لم يكن هناك "سائق إنتحاري" عكس ما أفاد ت به وسائل الأعلام في تقاريرها على نطاق واسع.
التصريح التركماني اتهم ميليشيات الأكراد الإنفصاليين، البيشمركة، قائلا بأن البيشمركة منعت أفراد الشرطة الدمى من إيقاف وتفتيش الشاحنة المحملة بالمتفجرات. تصريح المجلس الشيعي التركماني اشار أيضا الى نقطه اخرى و أتهم بأن بعض ألأحزاب الشيعية كانوا يتغاضون الأفادات حول هذا الدليل وذلك لأهدافهم الحزبية.
إنني أرفض وأمقت استعمال مفردات مثل "الشيعة" و"السنة" و اعتذر مسبقا لذكرهما هنا حيث أجد نفسي مرغما استخدامهما في هذا المقال يقينا مني ان استعمالهما يخدم فقط و في الدرجه الاولى تفاقم التقسيم بين مسلمي العراق. وفي نفس الوقت أستهجن القتل المستهدف لمدنيي تركمان العراق الأبرياء والذين يتعرضون الى تطهير عرقي مكثف و مخطط من أجل تغيير ديموغرافية أقليمهم أقليم تركمن أيلي في العراق.
إن تركمان العراق (حيث نصفهم سنة والنصف الآخر شيعة تقريبا) لم يفرقوا ابدا فيما بينهم على أساس مذاهب دينهم الإسلامي. لا مصلحة لهم في قتل بعضهم البعض ولمئات السنين تزاوجوا فيما بينهم. وهذا الإقتتال "الأخوي" لا يخدم مصالح التركمان ابدا... ترى من الذي يستفيد من هذا؟ لمصلحة من؟
ان التحالف الشيطاني للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة مع حزب العمال الجديد في بريطانيا وحلفاءهم الأستراليين، والذي يقوده مجرمو الحرب بوش، بلير وهاوارد- الذين شنوا حربا عدوانيا غير قانونيا ضد الشعب العراقي والذي أدى الى احتلال العراق في نيسان/أبريل 2003 ، وبعد أن هدموا وبتعمد البنى التحتية للبلد – قد أثاروا وبشكل مخطط فاعل ونشط التقسيمات والنعرات القومية والطائفية بين العراقيين وذلك كي يمزقوا نسيج المجتمع العراقي ويقسموا العراق الى وحدات وكانتونات صغيرة.
في البداية أثاروا الأكراد ضد العرب والتركمان، بعدها العرب والأكراد ضد التركمان ، وبعدها قسموا العرب حيث أثاروا السنة العرب ضد الشيعة منهم . والآن يريدون تقسيم التركمان الى سنة وشيعة وكذلك يحرضون على الصدامات فيما بين المجموعات الشيعية العربية نفسها. واضح بأنهم يريدون تمزيق نسيج المجتمع العراقي، بعد أن كان العراقيون – عربا ، كردا ، تركمانا ، كلدوآشوريون، ألخ- يعيشون بشكل هارموني جنبا الى جنب ويحترمون بعضهم البعض لقرون مضت. (أنظر الحاشية)
أن تركمان تلعفر أصبحوا ضحايا لأسوأ الظروف الإنسانية منذ غزو العراق في 2003. فبينما أخرج الألوف منهم وبالقوة من بيوتهم ومن مدينتهم فأن الأحزاب الكردية للسيدين البارزاني والطلباني مستمرة في سياستها "التكريدية" للمدينة، حيث يجلبون الألوف من الأكراد ويسكنونهم في مناطق التركمان الذين أجبروهم على الرحيل. أن ما يسميه الجيش الأمريكي بعملية " إفراغ تلعفر أو تلعفر الفارغة" نتجت عنها تدمير الألوف من حياة المدنيين التركمان.
إن حصار تلعفر ما هو إلا مثال للعدوان الأمريكي - الكردي الوحشي لمناطق سكانية كثيفة تحت ذريعة " محاربة الإرهاب". الإرهابيون الحقيقيون هم هؤلاء انفسهم الذين يستعملون المدفعية الثقيلة، الغارات الجوية ويدمرون الخطوط الكهربائية وانظمة المياه والذين يستمرون في ترهيب العوائل بمداهماتهم وتفتيشهم للبيوت بيتا تلو الآخر ويغتصبون النساء.
لقد شجب ف. زين العابدين، العضو التركماني في البرلمان العراقي العمليات العسكريه للقوات الامريكيه المتحالفه مع المليشيات الكرديه التابعه لحزبي السيدين البرزاني و الطلباني ضد التركمان في تلعفر واكد بأن الجيش الأمريكي قد حاصر تلعفر و منع الدخول الى المدينة ولم يسمحوا حتى له بالدخول الى مدينته.
إن الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية من قبل الجيش الأمريكي و حلفائه لا تصل الصحف الأمريكية بكامل تفاصيلها وهي كذلك نادرا ما تذكر في وسائل الإعلام الغربية الأخرى. كم هو عدد الذين في بلدان الغرب يعلمون بأن الولايات المتحدة قد استخدمت الأسلحة الكيمياوية مثل الفسفور الأبيض في تلعفر؟ من في الغرب يعلم بأنه لم يقبض ولو على مقاتل أجنبي واحد خلال حصار تلعفر، رغم إدعاءات الولايات المتحدة والأحزاب الكردية المتحالفه معها بأن المدينة كانت "ملاذا للارهابيين و المقاتلين الأجانب"؟
مجرم الحرب رامسفيلد أعطى مباركته الشخصية لحصار تلعفر والعمليات ضد المدينة نفذت " بأوامره". ( كما انه كان قد شجع أيضا عمليات نهب وحرق بنايات الوزارات العراقية، المتاحف، المكتبات، الجامعات، الخ.. عندما وصلت قواته الغازية بغداد في9/4/ 2003 حيث صرح انذاك قائلا بأن "العراقيين كانوا يتعلمون ممارسة الديمقراطية بعملهم ذاك").
بينما كانت المجازر الأمريكية مستمرة في تلعفر فأن مجرم الحرب بوش صرح في العشرين من آذار/مارس عام 2006 عندما كان يخطب في نادي (السيتي كلب) في كليفلاند: "أن العمليات (في تلعفر) حققت كل هذا لحامية المدنيين الأبرياء وبإنزال أقل الخسائر للمدينة"!!!هل ان المواطنين الأمريكيين أغبياء وسذج الى هذه الدرجة كي يصدقوا كل الأكاذيب الآتية من قادتهم أم انهم وببساطة لا يأبهون بالمجازر التي يتعرض لها العراقيون والتي ترتكب ضدهم من قبل قواتهم الغازيه؟
كل من شاهد الصور الفظيعة – الملتقطة من قبل المصور كريس هوندروس في الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير 2005 عندما كانت عائلة تركمانية مؤلفة من ثمانية أفراد مستقلة سيارتهم واطلقت النيران عليهم من قبل الجنود الأمريكان حيث قتلوا الأبوين جميلة و حسين حسن وجرحوا خمسة من أطفالهم – لعلمكم أن الجيش الأمريكي يثمن حياة العراقيين حسب ما يروج له الدعايه الرسميه الامريكيه...
سكان تلعفر الذين كانوا تحت الحصار، والذين شرّدوا، شوّهوا، أعتقلوا بشكل عشوائي والذين قتل أو غيّب أحباءهم وأعزاءهم يبكون دموعا من الدماء، يصرخون للملء و في الصحارى لكن لا أحد يسمعهم، لا أحد يصغي الى صرخاتهم من أجل مد يد العون لهم.
في الثالث عشر من مايس/مايو عام 2005 أتذكر بأنني كتبت مقالا بعنوان " تلعفر: مدينة الأشباح ... المدينة المنسية" بعد أن قرأت مناشدة من قبل أحد ساكني تلعفر حيث كان يقول منذ أكثر من ثمانية أشهر و مدينتهم قابعة تحت الحصار، وليس عندهم ماءا ً ولا كهرباء وأن قوات الأحتلال لم تسمح بالمساعدات الإنسانية من الوصول الى المدينة. أنا لست بسياسية ولا بصحفية ولكني كإنسانة و كمدافعة عن حقوق الأنسان كأنني بوغتّ بحيث لم أدر ماذا أفعل وفي النهاية أرسلت المقالة الى عدة صحف كي أنبههم، ولكن أعتقد أن صراخي اليائس من أجل أهالي تلعفر المساكين لم يصل للاسف مسامع أي من هؤلاء ...
أين هي الأمم المتحدة والتي من المفروض عليها أن تحمي المدنيين وتشجب العنف ضد السكان المدنيين؟ أين هو المجتمع الدولي وأين هم المدافعون عن حقوق الإنسان؟
إن الإنتخابات التي جرت في شهر كانون الثاني/ يناير في 2005 لم تنه الإحتلال بل سمحت و للاسف الشديد لأميري الحرب البارزاني والطلباني وبطريقة غير قانونيه مرفوضه تماما من قبل التركمان من بسط سيطرتهم على الأراضي والمدن التركمانية مع مباركة من المحتلين الأمريكان.
يجب على المجتمع الدولي و الامم المتحده وكذلك على المدافعين عن حقوق الانسان إيقاف الميليشيات الكردية المتكبرة التي تعتقد بأنه ليس هناك أي شيء يخافونه وأن بإستطاعتهم استعمال القوة الوحشية ضد التركمان المسالمين الذين هم الجهة الوحيدة في العراق الذين لا يملكون الأسلحة ولا الميليشيات.
أملي الوحيد هو أن يسمع صانعو القرار والسياسه الأوربية بمحنة أهالي تلعفر وكافة تركمان العراق المستهدفين والمعرضين الى التطهير العرقي تحت حكم المحتلين الأجانب و الأكراد المتحالفين معهم والذين يخططون لتقسيم العراق.
حاشية:
في مقابلة مع أيمي كودمان مذيعة ومقدمة برامج تلفزيون "الديمقراطية الآن!" يعطي سامي رسولي ، الأمريكي من أصل عراقي والذي ساعد في إنشاء فريق حفظ السلام الإسلامي ، قصة مغايرة للأوضاع في العراق والتي تدحض ما قالته الإدارة الأمريكية والصحافة السائدة. أيمي سألت رسولي كي يعلق على الأرقام الجديدة والهجوم الأخير على تلعفر" الهجوم الأسوأ .. والذي أودى الى أكبر الخسائر والضحايا منذ غزو العراق".
أجاب رسولي قائلا:
"حسنا، لقد سمعت السناتور ماكين يتحدث عن تقدم في العراق الذي أسمعه طيلة السنوات الأربعة الماضية من الرئيس [بوش] ومن مسؤولي الإدارة [الأمريكية]. ولكن الحديث عن تلعفر كمثال، فلقد كنت عضوا في فريق حفظ السلام الإسلامي وصاحبت بيكي غيش ومايكل من فريق حفظ السلام المسيحي [نار أوبيد] كان هذا في كانون الثاني/يناير من عام 2006 وزرنا ثاني آية الله العظمى في النجف ، السيد محمد سعيد الحكيم، وأخبرنا بهذه القصة بعد أن قدمنا له أنفسنا كأعضاء حفظ سلام. قال لنا ان تلعفر تسكن فيها الناس من كل أطياف موزائيك ونسيج المجتمع العراقي الجميل حيث السني الى جانب الشيعي – وبالمناسبة فأنا شيعي وزوجتي سنية وهذه حالة زواج مختلطة عادية في المجتمع العراقي.
"في أحد الأيام من أيلول/ سبتمبر 2005 واجه سكان تلعفر قصفا جويا كثيفا من القوات الأمريكيه وكان عليهم مغادرة المدينة والبحث عن ملاذ آمن. هؤلاء الذين غادروا كانوا من العوائل ومعظمهم من النساء والأطفال يبحثون الملاذ الآمن في المدينة التالية مدينة سنجار. وسكان سنجار من اليزيديين ومعروفين في العراق وبشكل خاطيء انهم من عبدة الشيطان. كان هؤلاء اليزيديون مستعدين لإستقبال وتقديم الملاذ للسنة والشيعة التركمان الفارين من تلعفر حيث فتحوا لهم بيوتهم وقدموا لهم الطعام والأفرشة والأحتياجات الأخرى وأكد [اليزيديون] لهم بأنهم مستعدون لترك بيوتهم لهم أذا كانوا لا يحبذون البقاء معهم لكونهم من ديانة او معتقدات أخرى. وهكذا غادر هؤلاء اليزيديون بيوتهم وسكنوا مع أقاربهم ليسمحوا للشيعة والسنة للبقاء في منازلهم الى أن تنتهي الأزمة في تلعفر.
"منذ ذلك الوقت – الحقيقة منذ شهر مايس/مايو عام 2003 عندما أعلن الرئيس [جورج بوش] إنتهاء العمليات العسكرية الكبيرة – انهم في حالة مبكيه حيث اجبروا ترك بيوتهم والهروب منها -- ليس فقط في تلعفر – بل في كافة أنحاء العراق. هناك ما يقارب المليونين من العراقيين من هجروا من مناطقهم داخل وطنهم العراق واصبحوا لاجئين.
هناك تركمان من سكان تلعفر لازالوا في النجف وكربلاء ونحن قابلناهم وحاولنا وكذلك حاول عراقيون آخرون و بكل ما بوسعنا تقديم الملاذ والسكن والأطعمة لهم. هؤلاء العراقيون لا يزالون يشاركوهم بما يحتاجون اليه. للعلم فإن العراقيين لا يزالوا يعيشون على ذلك البرنامج الذي يسمى الغذاء مقابل النفط أو النفط مقابل الغذاء. وهذا ليس بكاف ولكنهم يحاولون العيش على الرغم من انعدام الامن والظروف الصعبة التي خلقتها الحرب و الإحتلال.
بلجيكا، الرابع من نيسان ، 2007
مييري فيتزجيرلد - رئيسة جمعية ألصداقه الاوربيه التركمانية
عندما كنت أتحدث بأسم سكان تلعفر في البرلمان الأوروبي في بروكسل يوم السابع والعشرين من شهر آذار/ مارس 2007 وذلك أثناء انعقاد المؤتمر الذي خصص لتركمان العراق و الذي انعقد في البرلمان الاوربي في بروكسل لمدة يومين( 26 و 27 من شهر آذار/ مارس 2007) لم أكن أعرف حينه بأن مدينة تلعفر الشهيدة كانت في نفس اليوم و مرة أخرى مسرحا لأعمال عنف رهيبة أدت الى مقتل أكثر من 150 مدنيا تركمانيا بريئا.
حيث أفادت وسائل الإعلام الغربية بأن شاحنة محملة ب 1814 كيلوغراما (4000 باوند) من المتفجرات انفجرت في منطقة شيعية من المدينة وإن هذا الانفجار كان الأسوأ من نوعه في المدينة منذ غزو العراق قبل أربعة سنوات. كما أفادت نفس وسائل الإعلام الغربية بأن رجالا مسلحين من الشيعة ، ومن ضمنهم أفراد من الشرطة، ، ذهبوا وفتحوا نيرانهم وقتلوا ما لايقل عن 45 تركمانيا سنيا كرد فعل انتقاما لهذا لحادث النفجار.
ولكن حسب المجلس التركماني الشيعي في محافظة الموصل فإن الذين نفذوا التفجيرات بين المدنيين في تلعفر في 27 من آذار والتي أعقبتها في الليل شرارة المجازر الإنتقامية كانوا اكرادا من الأحزاب الكردية.
في تقرير لها قالت هيئة علماء مسلمي العراق بأن المجلس الشيعي التركماني ، أحد أهم الأحزاب التركمانية في الموصل، أصدر تصريحا يلوم فيه القيادة الكردية الإنفصالية المتعاونة مع الأمريكان في تنفيذ التفجيرات التي استهدفت المدنيين في تلعفر وذلك في يوم الثلاثاء المصادف 27 آذار/ مارس. هذه التفجيرات قتلت نحو 70 شخصا (*) وحضت الطائفيين من الشيعة الموالين لإيران على قتل أكثر من 70 من السنة "كرد فعل إنتقامي".
(*) آخر التقارير تفيد بأن التفجيرات أدت الى قتل ما يقارب 152 وجرح ما لا يقل عن 185 شخصا.
كذلك أفاد تقرير هيئة علماء مسلمي العراق بأن المجلس الشيعي التركماني قال بأن التفجيرات تخدم مصالح الحركة الكردية التي تطمح الى سرقة وضم منطقة تلعفر التركمانية [الى اقليمها الكردي].
المتظاهرون الذين نزلوا الى الشوارع بعد تفجيرات الثلاثاء إتهموا القياديين الأكراد الأنفصاليين و الجيش الأمريكي الذي يدعمهم بشكل مباشر وواضح بإقتراف هذا العمل الوحشي. حيث قالوا بأن القياديين الأكراد الأنفصاليين والجيش الأمريكي هم الذين سمحوا بمرور الشاحنة المليئة بالمتفجرات وبعدها فجروها عن بعد- مؤكدين بأنه لم يكن هناك "سائق إنتحاري" عكس ما أفاد ت به وسائل الأعلام في تقاريرها على نطاق واسع.
التصريح التركماني اتهم ميليشيات الأكراد الإنفصاليين، البيشمركة، قائلا بأن البيشمركة منعت أفراد الشرطة الدمى من إيقاف وتفتيش الشاحنة المحملة بالمتفجرات. تصريح المجلس الشيعي التركماني اشار أيضا الى نقطه اخرى و أتهم بأن بعض ألأحزاب الشيعية كانوا يتغاضون الأفادات حول هذا الدليل وذلك لأهدافهم الحزبية.
إنني أرفض وأمقت استعمال مفردات مثل "الشيعة" و"السنة" و اعتذر مسبقا لذكرهما هنا حيث أجد نفسي مرغما استخدامهما في هذا المقال يقينا مني ان استعمالهما يخدم فقط و في الدرجه الاولى تفاقم التقسيم بين مسلمي العراق. وفي نفس الوقت أستهجن القتل المستهدف لمدنيي تركمان العراق الأبرياء والذين يتعرضون الى تطهير عرقي مكثف و مخطط من أجل تغيير ديموغرافية أقليمهم أقليم تركمن أيلي في العراق.
إن تركمان العراق (حيث نصفهم سنة والنصف الآخر شيعة تقريبا) لم يفرقوا ابدا فيما بينهم على أساس مذاهب دينهم الإسلامي. لا مصلحة لهم في قتل بعضهم البعض ولمئات السنين تزاوجوا فيما بينهم. وهذا الإقتتال "الأخوي" لا يخدم مصالح التركمان ابدا... ترى من الذي يستفيد من هذا؟ لمصلحة من؟
ان التحالف الشيطاني للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة مع حزب العمال الجديد في بريطانيا وحلفاءهم الأستراليين، والذي يقوده مجرمو الحرب بوش، بلير وهاوارد- الذين شنوا حربا عدوانيا غير قانونيا ضد الشعب العراقي والذي أدى الى احتلال العراق في نيسان/أبريل 2003 ، وبعد أن هدموا وبتعمد البنى التحتية للبلد – قد أثاروا وبشكل مخطط فاعل ونشط التقسيمات والنعرات القومية والطائفية بين العراقيين وذلك كي يمزقوا نسيج المجتمع العراقي ويقسموا العراق الى وحدات وكانتونات صغيرة.
في البداية أثاروا الأكراد ضد العرب والتركمان، بعدها العرب والأكراد ضد التركمان ، وبعدها قسموا العرب حيث أثاروا السنة العرب ضد الشيعة منهم . والآن يريدون تقسيم التركمان الى سنة وشيعة وكذلك يحرضون على الصدامات فيما بين المجموعات الشيعية العربية نفسها. واضح بأنهم يريدون تمزيق نسيج المجتمع العراقي، بعد أن كان العراقيون – عربا ، كردا ، تركمانا ، كلدوآشوريون، ألخ- يعيشون بشكل هارموني جنبا الى جنب ويحترمون بعضهم البعض لقرون مضت. (أنظر الحاشية)
أن تركمان تلعفر أصبحوا ضحايا لأسوأ الظروف الإنسانية منذ غزو العراق في 2003. فبينما أخرج الألوف منهم وبالقوة من بيوتهم ومن مدينتهم فأن الأحزاب الكردية للسيدين البارزاني والطلباني مستمرة في سياستها "التكريدية" للمدينة، حيث يجلبون الألوف من الأكراد ويسكنونهم في مناطق التركمان الذين أجبروهم على الرحيل. أن ما يسميه الجيش الأمريكي بعملية " إفراغ تلعفر أو تلعفر الفارغة" نتجت عنها تدمير الألوف من حياة المدنيين التركمان.
إن حصار تلعفر ما هو إلا مثال للعدوان الأمريكي - الكردي الوحشي لمناطق سكانية كثيفة تحت ذريعة " محاربة الإرهاب". الإرهابيون الحقيقيون هم هؤلاء انفسهم الذين يستعملون المدفعية الثقيلة، الغارات الجوية ويدمرون الخطوط الكهربائية وانظمة المياه والذين يستمرون في ترهيب العوائل بمداهماتهم وتفتيشهم للبيوت بيتا تلو الآخر ويغتصبون النساء.
لقد شجب ف. زين العابدين، العضو التركماني في البرلمان العراقي العمليات العسكريه للقوات الامريكيه المتحالفه مع المليشيات الكرديه التابعه لحزبي السيدين البرزاني و الطلباني ضد التركمان في تلعفر واكد بأن الجيش الأمريكي قد حاصر تلعفر و منع الدخول الى المدينة ولم يسمحوا حتى له بالدخول الى مدينته.
إن الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية من قبل الجيش الأمريكي و حلفائه لا تصل الصحف الأمريكية بكامل تفاصيلها وهي كذلك نادرا ما تذكر في وسائل الإعلام الغربية الأخرى. كم هو عدد الذين في بلدان الغرب يعلمون بأن الولايات المتحدة قد استخدمت الأسلحة الكيمياوية مثل الفسفور الأبيض في تلعفر؟ من في الغرب يعلم بأنه لم يقبض ولو على مقاتل أجنبي واحد خلال حصار تلعفر، رغم إدعاءات الولايات المتحدة والأحزاب الكردية المتحالفه معها بأن المدينة كانت "ملاذا للارهابيين و المقاتلين الأجانب"؟
مجرم الحرب رامسفيلد أعطى مباركته الشخصية لحصار تلعفر والعمليات ضد المدينة نفذت " بأوامره". ( كما انه كان قد شجع أيضا عمليات نهب وحرق بنايات الوزارات العراقية، المتاحف، المكتبات، الجامعات، الخ.. عندما وصلت قواته الغازية بغداد في9/4/ 2003 حيث صرح انذاك قائلا بأن "العراقيين كانوا يتعلمون ممارسة الديمقراطية بعملهم ذاك").
بينما كانت المجازر الأمريكية مستمرة في تلعفر فأن مجرم الحرب بوش صرح في العشرين من آذار/مارس عام 2006 عندما كان يخطب في نادي (السيتي كلب) في كليفلاند: "أن العمليات (في تلعفر) حققت كل هذا لحامية المدنيين الأبرياء وبإنزال أقل الخسائر للمدينة"!!!هل ان المواطنين الأمريكيين أغبياء وسذج الى هذه الدرجة كي يصدقوا كل الأكاذيب الآتية من قادتهم أم انهم وببساطة لا يأبهون بالمجازر التي يتعرض لها العراقيون والتي ترتكب ضدهم من قبل قواتهم الغازيه؟
كل من شاهد الصور الفظيعة – الملتقطة من قبل المصور كريس هوندروس في الثامن عشر من كانون الثاني/ يناير 2005 عندما كانت عائلة تركمانية مؤلفة من ثمانية أفراد مستقلة سيارتهم واطلقت النيران عليهم من قبل الجنود الأمريكان حيث قتلوا الأبوين جميلة و حسين حسن وجرحوا خمسة من أطفالهم – لعلمكم أن الجيش الأمريكي يثمن حياة العراقيين حسب ما يروج له الدعايه الرسميه الامريكيه...
سكان تلعفر الذين كانوا تحت الحصار، والذين شرّدوا، شوّهوا، أعتقلوا بشكل عشوائي والذين قتل أو غيّب أحباءهم وأعزاءهم يبكون دموعا من الدماء، يصرخون للملء و في الصحارى لكن لا أحد يسمعهم، لا أحد يصغي الى صرخاتهم من أجل مد يد العون لهم.
في الثالث عشر من مايس/مايو عام 2005 أتذكر بأنني كتبت مقالا بعنوان " تلعفر: مدينة الأشباح ... المدينة المنسية" بعد أن قرأت مناشدة من قبل أحد ساكني تلعفر حيث كان يقول منذ أكثر من ثمانية أشهر و مدينتهم قابعة تحت الحصار، وليس عندهم ماءا ً ولا كهرباء وأن قوات الأحتلال لم تسمح بالمساعدات الإنسانية من الوصول الى المدينة. أنا لست بسياسية ولا بصحفية ولكني كإنسانة و كمدافعة عن حقوق الأنسان كأنني بوغتّ بحيث لم أدر ماذا أفعل وفي النهاية أرسلت المقالة الى عدة صحف كي أنبههم، ولكن أعتقد أن صراخي اليائس من أجل أهالي تلعفر المساكين لم يصل للاسف مسامع أي من هؤلاء ...
أين هي الأمم المتحدة والتي من المفروض عليها أن تحمي المدنيين وتشجب العنف ضد السكان المدنيين؟ أين هو المجتمع الدولي وأين هم المدافعون عن حقوق الإنسان؟
إن الإنتخابات التي جرت في شهر كانون الثاني/ يناير في 2005 لم تنه الإحتلال بل سمحت و للاسف الشديد لأميري الحرب البارزاني والطلباني وبطريقة غير قانونيه مرفوضه تماما من قبل التركمان من بسط سيطرتهم على الأراضي والمدن التركمانية مع مباركة من المحتلين الأمريكان.
يجب على المجتمع الدولي و الامم المتحده وكذلك على المدافعين عن حقوق الانسان إيقاف الميليشيات الكردية المتكبرة التي تعتقد بأنه ليس هناك أي شيء يخافونه وأن بإستطاعتهم استعمال القوة الوحشية ضد التركمان المسالمين الذين هم الجهة الوحيدة في العراق الذين لا يملكون الأسلحة ولا الميليشيات.
أملي الوحيد هو أن يسمع صانعو القرار والسياسه الأوربية بمحنة أهالي تلعفر وكافة تركمان العراق المستهدفين والمعرضين الى التطهير العرقي تحت حكم المحتلين الأجانب و الأكراد المتحالفين معهم والذين يخططون لتقسيم العراق.
حاشية:
في مقابلة مع أيمي كودمان مذيعة ومقدمة برامج تلفزيون "الديمقراطية الآن!" يعطي سامي رسولي ، الأمريكي من أصل عراقي والذي ساعد في إنشاء فريق حفظ السلام الإسلامي ، قصة مغايرة للأوضاع في العراق والتي تدحض ما قالته الإدارة الأمريكية والصحافة السائدة. أيمي سألت رسولي كي يعلق على الأرقام الجديدة والهجوم الأخير على تلعفر" الهجوم الأسوأ .. والذي أودى الى أكبر الخسائر والضحايا منذ غزو العراق".
أجاب رسولي قائلا:
"حسنا، لقد سمعت السناتور ماكين يتحدث عن تقدم في العراق الذي أسمعه طيلة السنوات الأربعة الماضية من الرئيس [بوش] ومن مسؤولي الإدارة [الأمريكية]. ولكن الحديث عن تلعفر كمثال، فلقد كنت عضوا في فريق حفظ السلام الإسلامي وصاحبت بيكي غيش ومايكل من فريق حفظ السلام المسيحي [نار أوبيد] كان هذا في كانون الثاني/يناير من عام 2006 وزرنا ثاني آية الله العظمى في النجف ، السيد محمد سعيد الحكيم، وأخبرنا بهذه القصة بعد أن قدمنا له أنفسنا كأعضاء حفظ سلام. قال لنا ان تلعفر تسكن فيها الناس من كل أطياف موزائيك ونسيج المجتمع العراقي الجميل حيث السني الى جانب الشيعي – وبالمناسبة فأنا شيعي وزوجتي سنية وهذه حالة زواج مختلطة عادية في المجتمع العراقي.
"في أحد الأيام من أيلول/ سبتمبر 2005 واجه سكان تلعفر قصفا جويا كثيفا من القوات الأمريكيه وكان عليهم مغادرة المدينة والبحث عن ملاذ آمن. هؤلاء الذين غادروا كانوا من العوائل ومعظمهم من النساء والأطفال يبحثون الملاذ الآمن في المدينة التالية مدينة سنجار. وسكان سنجار من اليزيديين ومعروفين في العراق وبشكل خاطيء انهم من عبدة الشيطان. كان هؤلاء اليزيديون مستعدين لإستقبال وتقديم الملاذ للسنة والشيعة التركمان الفارين من تلعفر حيث فتحوا لهم بيوتهم وقدموا لهم الطعام والأفرشة والأحتياجات الأخرى وأكد [اليزيديون] لهم بأنهم مستعدون لترك بيوتهم لهم أذا كانوا لا يحبذون البقاء معهم لكونهم من ديانة او معتقدات أخرى. وهكذا غادر هؤلاء اليزيديون بيوتهم وسكنوا مع أقاربهم ليسمحوا للشيعة والسنة للبقاء في منازلهم الى أن تنتهي الأزمة في تلعفر.
"منذ ذلك الوقت – الحقيقة منذ شهر مايس/مايو عام 2003 عندما أعلن الرئيس [جورج بوش] إنتهاء العمليات العسكرية الكبيرة – انهم في حالة مبكيه حيث اجبروا ترك بيوتهم والهروب منها -- ليس فقط في تلعفر – بل في كافة أنحاء العراق. هناك ما يقارب المليونين من العراقيين من هجروا من مناطقهم داخل وطنهم العراق واصبحوا لاجئين.
هناك تركمان من سكان تلعفر لازالوا في النجف وكربلاء ونحن قابلناهم وحاولنا وكذلك حاول عراقيون آخرون و بكل ما بوسعنا تقديم الملاذ والسكن والأطعمة لهم. هؤلاء العراقيون لا يزالون يشاركوهم بما يحتاجون اليه. للعلم فإن العراقيين لا يزالوا يعيشون على ذلك البرنامج الذي يسمى الغذاء مقابل النفط أو النفط مقابل الغذاء. وهذا ليس بكاف ولكنهم يحاولون العيش على الرغم من انعدام الامن والظروف الصعبة التي خلقتها الحرب و الإحتلال.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire